فرائض الصلاة الأستاذ سيد محمد أيده

 فرائض الصلاة



بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على محمد خاتم النبيين و آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

نبدأ بعون الله وتوفيقه التعليق على فرائض الصلاة و الفرائض جمع فرض أو فريضة و الفرض و  اللازم و الواجب و المحتم ألفاظ مترادفة عند جمهور الأصوليين خلافا للحنفية فإنهم فرقوا بين الفرض والواجب تفريقا معروفا عندهم .

وهذه الفرائض أغلبها مستمد من القرآن و من السنة وما كان منها مستمدا من السنة فأغلبه مستمد من حديث أبي هريرة في الصحيح الذي يعرف عند العلماء بحديث المسيء صلاته .

وفرائض الصلاة ستة عشر وهي : 


1) - النية : و هي من أعمال الصلاة القلبية فهي ليست من أعمال الصلاة البدنية أو القولية بل هي من أعمال الصلاة القلبية كالخشوع و النية و تعني نية الصلاة المعينة إذا كان سيصلي الظهر مثلا ينوي أنه سيصلي الظهر وإذا كان سيصلي العصر ينوي أنه سيصلي العصر و هكذا. 

هذا بالنسبة للمأموم ويجوز للمأموم أن يدخل في الصلاة بنية إحرام إمامه فالمأموم تجب عليه نية المأمومية لأنه ثمت أحكام متعلقة بها كحمل السهو و كوجوب متابعة المأموم للإمام لذلك وجب على المأموم أن ينوي نية الاقتداء بخلاف الإمام فإنه لا تجب عليه نية الإمامة بل تندب له إلا في مواطن معينة كالجمع و جمعة و الاستخلاف و صلاة الخوف هذه المواطن يجب على الإمام فيها أن ينوي نية الإمامة.

ويكره التلفظ بها و من كان من أهل الوسوسة و تلفظ بها فلا بأس بذلك لكن فعله ليس من عمل النبي صلى الله عليه وسلم ولا من فعله ، وقد أشار الشيخ محمد مولود إلى هذين الفرضين بقوله في بداية حديثه عن فرائض الصلاة  : 

تكبير الإحرام قيامه فأم * صلاته التى يريدها فلم

2) - تكبيرة الإحرام : وهي التكبيرة الأولى من تكبيرات الصلاة وهي التكبيرة الوحيدة من سائر تكبيرات الصلاة التي تدخل في الفرائض.

 فأقوال الصلاة لا يجب منها إلا تكبيرة الإحرام و الفاتحة و السلام و ما سوى ذلك فهو إما سنة و إما مندوب ولذلك لا يجب من تكبير الصلاة إلا تكبيرة الإحرام و لفظها يكون بلفظ الله أكبر بتحقيق الهمزتين الأولى و الثانية بصيغة المبتدأ و الخبر ، ولا يجوز أن نمد الهمزة الأولى فنقول لله و لا يجوز أن نمد الباء في أكبر فنقول أكبار فإن ذلك من الأخطاء الشائعة في الصلاة وهو مفسد للمعنى .

ويجب في تكبيرة الإحرام على المأموم أن يتأخر قليلا عن الإمام حتى يفرغ منها فلا ينبغي أن يساوقه أو يتقدم عليه او يسابقه فيها فإذا فعل ذلك فإن صلاته عرضة للبطلان إذا سبقه في الإنتهاء من التكبير فإن صلاته تبطل وإذا ساوقه فيه خلاف بحيث أتم معه فالمساوقة تعني أن يتم التكبير مع إتمام الإمام له .

ومن الفرائض المتعلقة بتكبيرة الإحرام القيام لها فهي واجبة و القيام لها واجب .

تكبير الإحرام قيامه فأم   صلاته التى يريدها فلم.


3) - القيام لتكبيرة الإحرام : كما إن تكبيرة الإحرام هي التكبيرة الوحيدة التي تجب من سائر تكبيرات الصلاة فإن القيام لها واجب فلا يفعلها الإنسان و هو هاو إلى الركوع أو السجود بل لابد أن يفعلها وهو قائم .

ومن الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس و خصوصا المسبوقين أن أحدهم يدرك الإمام راكعا فيكبر وهو هاو إلى الركوع حرصا منه على أن يدرك الإمام وهو راكع فيدرك تلك الركعة وبذلك يقع في خطإ  و تفريط في فرض من فرائض الصلاة وهو القيام لتكبيرة الإحرام فمن أدرك الإمام راكعا فلا بد أن يكبر قائما تكبيرة الإحرام ثم يكبر هاويا إلى الركوع فإن أدرك الإمام وهو مازال يعقد ركوعه فقد أدرك تلك الركعة و إن لم يدرك الإمام بحيث هوا راكعا فرفع الإمام من ركوعه فإنه يبقى في ركوع إلى أن يسجد الإمام فيخر ساجدا معه وتصح صلاته ولم يدرك تلك الركعة فإذا سلم الإمام قام وقضى ما فاته .

فلذلك القيام لتكبيرة الإحرام فرض من فرائض الصلاة فلا بد أن يكبر الإنسان تكبيرة الإحرام و هو قائم و لا يجزئ في ذلك فعلها و الإنسان جالس و هو قادر على القيام أو ساجد أو راكع .

4- الفاتحة : وهي فرض من فرائض الصلاة على المشهور  كما ثبت في الصحيحين  من حديث عبادة بن الصامت رضي الله  تعالى عنه  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ولما ثبت كذلك  أن النبي صلى الله  عليه وسلم قال : ( كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج فهي خداج  فهي خداج غير تمام )

و هي واجبة على الإمام و الفذي  اتفاقا واختلف في المأموم  فمشهور الإمام مالك أن الفاتحة لا تجب على المأموم في حال جهر الإمام و تندب له أو تسن في حال  قرأ الإمام سرا وقد أختلف في وجوبها  أهي واجبة في كل ركعة وهو الأرجح  

أو هي واجبة في الجل و تسن في الأقل وعلى هذا القول الذي يقول بسنيتها فإنها ليست كسائر السنن بإتفاق القولين  على أن تركها عمدا مبطل لأنها سنة شهرت فرضيتها وينبني على هذا الخلاف ترك شئ منها أو ترك بعضها في بعض الركعات فعلى القول بوجوبها فإن من ترك شئ منها ساهيا  تلافاه إن أمكنه ذلك  قبل عقد الركوع  فإن لم يمكن التلافي بأن عقد الركوع قبل التذكر فإنه يسجد القبلي مراعاة للقول بأنها واجبة في الجل   و إما إن ترك شئ منها عمدا فإن صلاته باطلة . 

 و أما القول بسنيتها  فإن حكم تارك بعضها كحكم تارك السنن

ففي الترك عمدا قولان بالصحة و البطلان  وفي  الترك سهوا السجود القبلي  و إن شك المصلي في شيئ منها فإنه يرجع له ولو أتم السورة  وقد أشار الشيخ محمد مولود ولد أحمد فال في نظمه للكفاف للخلاف الذي ذكرنا في وجوب فقال :

على وجوب الأم من منها يذر* شيئ تلافاه و عامدا  أضر

و على الاستنان  فهي وسنن * بعمدها و سهواها على سنن

ثم بين أنه تجب قراءتها قراءة صحية سليمة  فقال رحمه الله 

راعي حروف الأم في الصلاة * وحركاتها مع الشدات 

فإن إتـقان جميـــــع هـــات *   مشترط في صحة الصلاة 


5) - القيام للفاتحة : فقد عده  خليل والعلامة محمد مولود و غيرهما من مؤلفي المذهب ضمن فرائض الصلاة .

والقيام للفاتحة إنما يكون للصلاة المفروضة و هي الصلوات الخمس  ويكون  واجبا في صلاة الجنازة و في صلاة الوتر على الراجح و لذلك قال الشيخ محمد مولود في الكفاف :

للخمس والميت والوتر  قم * إن لم تخف من ضرر التيمم

واتفق أهل العلم على أنه  لا تجزئ الصلاة المفروضة إذا صلاها الإنسان جالسا وهو قادر على أن يصليها قائم , و مراتب القيام  في الصلاة سبعة  أربعة منها على الوجوب وثلاثة على التخير 

الأربعة التي ترتيبها  على الوجوب هي أن يصلي الإنسان قائما  غير مستند على شئ فإن لم يقدر فليصلي قائما مستندا على شيء  فإن لم يقدر فليصلي جالسا غير مستند على شيء  فإن لم يقدر صلى جالسا مستندا على شيء  فإن لم يستطع فليصلي على جنبه الأيمن أو الأيسر أو على ظهره 

و الثلاثة الأخيرة للتخيير . 

 ويشترط في المستند إليه أن لا يكون أجنبية  و أن لا يكون نجسا و أن لا يكون الإنسان موقنا في حصول اللذة  في الإستناد إليه لذلك قال الشيخ محمد مولود في الكفاف :

 ثم استند لغير أجنبية *أو نجس أو موقن الملذة 

6 ) - الركوع :  و الأصل في وجوبه قوله تعالى(يا أيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا  و اعبدوا ربكم)

و قوله( و اركعوا مع الراكعين)

  وقوله( و إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين)

و الأصل فيه كذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث المسيئ صلاته الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما  حديث أبي هريرة رضي الله عنه وهو أصل هذه الفرائض كلها قال الرسول صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته (ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ) و المقدار الواجب في الركوع  هو الإنحناء حتى تقترب فيه الراحتان من الركبتين قال خليل : والركوع تقترب فيه من ركبتيه * وندب تمكينهما  منهما  

وقال العلامة  محمد مولود ولد أحمد فال في الكفاف :

ركوعه بحيث تدنو راحتاه * من ركبتيه رفعه فسجدتان 

و المقدار الواجب في الركوع هو أن ينحني الإنسان بحيث تقترب  راحتاه من ركبتيه أما تمكين الراحتين وهما الكفان من الركبتين فإن ذلك مندوب 


7) - الرفع من الركوع : و الأصل فيه قول النبي صلى الله عليه و سلم : ( ثم ارفع حتى تعتدل قائما ) و من المعلوم عند الأصوليين أن صيغة افعل في القرآن و السنة تدل على الوجوب إذا لم تكن هناك قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب او إلى الإباحة على المشهور تستوي في ذلك الصيغة الواردة في القرآن و في السنة على الراجح و منهم من فرق حمل افعل في الوجوب على القرآن و حملها على الندب في السنة و قد أشار إلى ذلك العلامة سيدي عبد الله ولد الحاج إبراهيم في مراقي السعود حيث قال :

وافعل لدى الأكثر للوجوب * وقيل للندب و للمطلوب 

وقيل للوجوب أمر ربي * و أمر من أرسله للندب 

فالأصل في وجوب الرفع من الركوع بحيث يعتدل الإنسان قائما قول النبي صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته ( ثم ارفع حتى تعتدل قائما ) .

لذلك من الأخطاء التى تكثر و تنتشر بين الناس أن أحدهم يركع  فلا يرفع رأسه من الركوع أو يرفع رأسه قليلا بحيث لا يعتدل قائما ثم يهوى إلى السجود فإن هذا من الأخطاء الشائعة في الصلاة وهي من الاخطاء المبطلة للصلاة لأن الإنسان إذا لم  يرفع رأسه من الركوع أو رفع رأسه قليلا بحيث لم يعتدل قائما فإن ذلك مما يبطل صلاته على الراجح .

8) - السجود : و الأصل فيه قوله تعالى : ( يأيها الذين آمنوا اركعوا و اسجدوا ) 

و قول النبي صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا )

و السجود يكون على اليدين و الركبتين و أطراف القدمين و الأنف و الجبهة 

ولكن الذي يجب من هذه الأعضاء إنما هو السجود على الجبهة و على الأنف أما باقي الأعضاء فإن السجود عليها مندوب أو سنة و ترك السجود على الجبهة مبطل مطلقا أما السجود على الأنف فإن من تركه فالراجح أن صلاته صحيحة إلا أنه تندب له الإعادة في الوقت و لذلك قال الشيخ محمد مولود :

سجود أنف مستحب أو يجب *والعود في الوقت لتركه ندب .

  و السجود من افضل مواطن الصلاة لأنه أقرب أحوال العبد من ربه و أنه مظنة استجابة الدعاء لذلك قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أن الركوع فعظموا فيه الرب و أما السجود فادعوا الله فيه فإنه قمن أن يستجاب لكم ) فلذلك يندب للإنسان أن يطيل السجود و أن يكثر من الدعاء فيه فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يقول لبعض أصحابه : ( أعني على ذلك بكثرة السجود ) حين سأله أن يسأل الله له مرافقته في الجنة قال : ( أعني على ذلك بكثرة السجود ) 

9 ) -الرفع من السجود : و الأصل فيه قول النبي صلى الله عليه و سلم : ( ثم ارفع حتى تعتدل جالسا )  

فالجلوس بين السجدتين واجب و لذلك قال الشيخ محمد مولود :

و سجدتا جلوسه بينهما *وليعتدل في جلساته و كل مامثل.

فالجلوس بين السجدتين واجب و لا يقع الاعتدال إلا بالجلوس بين السجدتين فلا يكفي مجرد رفع الرأس من السجود بحيث يرفع الإنسان جبهته عن الأرض ثم يعود بل لابد أن يرفع حتى يعتدل جالسا لقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( ثم ارفع حتى تعتدل جالسا .

10 ) - السلام : و المقصود به تسلمة التحليل ولم يرد السلام في حديث المسيء صلاته و لكنه ورد في أحاديث أخرى منها ما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم

أنه قال مفتاح الصلاة الطهور و تحريمها التكبير و تحليلها التسليم و قد وردت فيه خمس صيغ عن النبي صلى الله عليه و سلم كلها مجزية و صحيحة و ثابتة الصيغة الاولى السلام عليكم و رحمة الله عن يمينه و السلام عليكم و رحمة الله عن شماله و الصيغة الثانية السلام عليكم و رحمة الله عن يمينه و  السلام عليكم فقط عن شماله و الصيغة الثالثة السلام عليكم و رحمة الله و بركاته عن يمينه و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته عن شماله و الصيغة الرابعة هي السلام عليكم عن يمينه والسلام عليكم عن شماله و الصيغة الخامسة الاختصار على تسليمة واحدة  السلام عليكم عن يمينه .

هذه الصيغ الخمس ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و أيها فعل المصلي فإنها تجزؤه و لا لوم عليه.

وقد قال الشيخ محمد مولود في نظمه للكفاف :

ومن فروضها السلام قاصدا فراقها *ومن شروطها أن يقعد.

و إنما ذكرنا أن التسليمة الواحدة أي تسلمة التحليل هي واجبة و ذلك لأن من كان يسلم التسليمتين مثلا فقدر أنه سلم التسليمة الأولى ثم انتقض وضوءه قبل أن يسلم التسليمة الثانية فإن صلاته صحيحة و ذلك إذا قصد بالتسليمة الأولى التحلل من الصلاة فلذلك إنما تجب التسليمة الأولى و ماعدا ذلك فهو من المندوبات أو السنن و لم يره كثير من متأخري المالكية فاختصروا على التسليمة الواحدة       .

11) - الجلوس للسلام : فالمقدار الذي يجلس فيه المصلي حتى يقول السلام عليكم هذا المقدار من الجلوس واجب تبطل الصلاة بتركه و ما زاد على ذلك فهو سنة و لا أعرف لهذا الواجب دليلا مستقلا عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا أنه يدخل في عموم فعل النبي صلى الله عليه و سلم فإنه لم يثبت عنه أنه سلم ساجد أو راكعا أو قائما و إنما كان يسلم جالسا و يذكر الفقهاء أن من أدلة وجوبه أن هذا الجلوس ظرف و أن الظرف تابع للمظروف فيه و لما كان المظروف فيه واجبا و هو السلام دل ذلك على وجوبه و لذلك ذكرنا بيت الشيخ محمد مولود و قال فيه:

  ومن فروضها السلام قاصدا فراقها *ومن شروطها أن يقعد.

يعني بذلك أن السلام لابد أن يقع و المصلي جالس.

12) - ترتيب الأداء : بحيث لا يقع تقديم و لا تأخير في هيئة الصلاة فلا يقدم السجود على الركوع و لا يأخر الركوع عن السجود فترتيب هيئة الصلاة بالطريقة المعروفة من واجبات الصلاة و من فرائضها.

ويمكن أن يستدل لهذا الفرض بقول النبي صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر و اقرأ ماتيسر من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ) .

فقد رتب له النبي صلى الله عليه و سلم هذه الفرائض بحرف العطف الذي هو ثم ومن المعروف عند علماء اللغة و النحو أن ثم حرف عطف يقتضي الترتيب و التعقيب مع الانفصال كما قال ابن مالك :

و الفاء للترتيب باتصال * وثم للترتيب بانفصال .

لايمكن أن يقال جاء زيد ثم جاء عمرو قبله ذلك أن ثم تفيد الترتيب بالانفصال مع التراخي و التأخر فلذلك دل ذلك على أن ترتيب النبي صلى الله عليه و سلم للفرائض في مخاطبة المسيئ صلاته بحرف العطف الذي هو ثم يدل على أن هذه الهيئة واجبة ويمكن أن يستدل على ذلك بفعل النبي صلى الله عليه و سلم و من المعلوم أن فعل النبي صلى الله عليه و سلم فيه خلاف عند الأصوليين فمنهم من قال إنه يدل على الوجوب مطلقا و منهم من قال أنه يدل على الندب مطلقا و منهم من فرق فقال إذا كان بيانا لوجوب دل على الوجوب و إذا كان بيانا لسنة دل على السنة و إن كان بيانا للندب دل على الندب و إن كان بيانا على الإباحة دل على الإباحة .

و لا يمكن أن يستدل بقول النبي صلى الله عليه و سلم : ( صلوا كما رأيتموني أصلي فعموم هذا الحديث لا يمكن أن يستدل به على ترتيب الأداء لأنه ثبت أن في هيئة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم ما هو فرض وما هو مندوب وما هو سنة .

13) - الطمأنينة : وتكون في الركوع و في الرفع من الركوع و في السجود و في الرفع من السجود أي الجلوس بين السجدتين وقد اختلف في أقل ما تقع به الطمأنينة فحدها بعض الفقهاء بأن أقل ما تقع به الطمأنينة هو أن يعود كل عضو إلى مكانه في الركوع و في القيام من الركوع وفي السجود و في الجلوس بين السجدتين ومنهم من قال أن أقل ما تقع به الطمأنينة هو أن يقول في الركوع سبحان ربي العظيم ثلاث مرات و في السجود سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات .

14) - الاعتدال : ويكون في القيام و يكون في الركوع و يكون في السجود و يكون في الجلوس و يكون في القيام بحيث لا يعتمد المصلي على رجل و يرفع أخرى و يكون في الركوع بحيث يسوى ظهره في الركوع و يكون في القيام من الركوع حتى يعتدل قائما و يكون في السجود بحيث يسجد على الجبهة و الأنف و على بقية الأعضاء إلا أن المالكية فرقوا فجعلوا السجود على الجبهة واجب تبطل الصلاة بتركه مطلقا و السجود على الأنف واجب تندب الصلاة معه في الوقت و جعلوا السجود على بقية الأعضاء مما لا يبطل الصلاة .

و قد اختلف في الاعتدال والطمأنينة هل هما واجبان أو سنتان وقد أشار الشيخ محمد مولود إلى هذا الخلاف بعد أن ذكر الاعتدال و الطمأنينة فقال :

 والخلف فيه و في الاطمئنان *هل سنتان أو محتمان 

ولكن العامل ترك الأخير* يعيد في الوقت على المشهر.

فمن ترك الطمأنينة عند المالكية يعيد الصلاة في الوقت و ذلك مراعاة للحديث مسيئ صلاته فإن النبي صلى الله عليه و سلم قال له ارجع فصلي فإنك لم تصلي و الظاهر من حاله أن مشكلته كانت في الطمأنينة و الاعتدال.   

15) - متابعة المأموم للإمام في الإحرام و السلام : و الأصل في وجوب هذا الفرض قول النبي صلى الله عليه و سلم : ( إنما جعل الإمام ليأتم به فإذا كبر فكبروا و إذا ركع فاركعوا و أذا قال سمع الله و لمن حمده فقولوا ربنا و لك الحمد ويذكر الفقهاء في هذا الفرض ثلاث صور الصورة الأولى واجبة و الصورة الثانية مكروهة و الصورة الثالثة محرمة ، فالصورة الأولى هي المتابعة بحيث يتابعه في الإحرام و السلام أي يتأخر عنه في السلام و في النطق بالإحرام هذه واجبة، و الصورة الثانية هي المساوقة حيث يبدأ معه لفظ التكبير و يختمه معه و يبدأ معه لفظ السلام و يختمه معه فلا يتقدم عليه و لا يتأخر عنه في النطق لا في الابتداء و لا في الانتهاء هذه مكروهة ،الصورة الثالثة هي المسابقة بحيث يسبقه في النطق بالإحرام و السلام و هذه محرمة تبطل الصلاة بها ،فلذلك متابعة المأموم للإمام في الإحرام و السلام من فرائض الصلاة .

16 ) نية المأموم الاقتداء : و هذه النية هي النية الثانية من النيات الواجبة في الصلاة فالنية الأولى هي نية الصلاة المعينة و قد تقدم ذكرها.و النية الثانية هي نية المأموم الاقتداء و إنما كانت نية الاقتداء واجبة على المأموم لما رتب الشارع على المأمومية من حصول فضل الجماعة و سقوط القراءة عن المأموم و تحمل الإمام السهو عن المأموم في حال القذوة ، أما الإمام فيندب له أن ينوي نية الإمامة و تجب عليه نية الإمامة في أربعة مواضع في الصلوات التي لا يمكن أن تقع إلا جمعا أي الصلوات التي لا يؤديها الفذ وهي صلاة الخوف و صلاة الجمعة و صلاة الجمع كالجمع بين الظهر و العصر و الجمع بين المغرب و العشاء و الاستخلاف ، هذه المواطن الأربعة هي التي يجب  على الإمام فيها أن ينوي نية الإمامة . 

هذه هي مجمل فرائض الصلاة و هي ست عشرة  فريضة و يضيف إليها بعض الفقهاء الخشوع في الصلاة لذلك قال الشيخ محمد مولود في عده فرائض الصلاة : 

كذا خشوعه على ما أيدا 

إلا أن الذين يجعلون الخشوع فرضا من فرائض الصلاة يعتبرون أنه يقع باستشعاره في أي ركن من أركان الصلاة فلا يلزم أن يستحضر المصلي الخشوع في كل أجزاء الصلاة لتعذر ذلك على عموم الناس ، وقد عرف الشيخ محمد مولود الخشوع في الصلاة و ذكر الخلاف فيه في الكفاف فقال :

الخوف باستشعارك الوقوف * بيــن يــدي خالقك الرؤوف 

به ابن رشد الخشوع عرفــا * و أي الأركـان به كان كفــى 

وهـــو فضيلة لدى عياضي *  و عنه أيضا عنه ذو افتراض

وبعض أهل الصوفة الهدات*  شــرطه في صحــة الصــــلاة 

وواجـــب بتــركه لا تبــطل  *  لدى ابن رشد و عليه عولوا.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين و أن يعلمنا التأويل و أن يجعل ما نقول و نسمع حجة لنا لا علينا و أن يلهمنا رشدنا و أن يعيذنا من شرور أنفسنا و سيئات أعمالنا و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .




الأستاذ :  أممد ولد أيده

ليست هناك تعليقات:

اضافة تعليق

رابطة أهل الشريف لكحل العالمية © تتشرف بزيارتكم رابطة أهل الشريف لكحل العالمية